بحث :
خاص بالملتحقين وخدام مدرسة الشمامسة ويتيح لهم خدمات أخرى
الكود:
كلمة السر:
هل نسيت كلمة السر؟
البث المباشر والراديو
بث مباشر بث مباشر
صوت فيديو
مختارات من الموقع
صفحتنا على الفيس بوك
نزل الى الجحيم
نيافة الأنبا رافائيل الأسقف العام
بينما كنت اطوف ارجاء البيعة وسط خورس الاباء الرهبان بالدير نردد معا لحن ( مارين اوؤنه ) في بداية طقس ليلة سبت النور ... جال في ذهني هذا الخاطر : ماذا نحن فاعلون ؟
- هل نحن نقم جنازا ليسوع المصلوب !! حيث إننا نردد نفس الالحان التي تقال في تجنيز الاباء ؟!
- ام إننا نقيم له طقس رهبنه !! " حيث يختلط اللحن الحزايني مع بهجة الحدث و اللحن الفرايحي "
- ام إننا نتوقع مجيئه الثاني بمشاعر يختلط فيها الخوف مع الحب و الفرح مع الرهبة ؟ حيث نقرا سفر الرؤيا و نتخلله بمردات مبهجة و منبهة !!!
- إنها بالحقيقة سهرة روحية مبدعة ، جديرة بان نتأمل ماذا تقصد الكنيسة فيها .

1 – العروس تسهر إلى جوار العريس المسجي

( قدوس الحي الذي لا يموت ) لقد مات الابن غير المائت !! الحي الذي لا يموت الان مدفون !! لم تكن المعجزة أن الرب يسوع قد قام ، و لكن المعجزة انه مات ... كيف يموت من هو مانح الحياة ... كيف ينطفيء مصباح الحياة ؟ لقد قام " ناقضا اوجاع الموت إذ لم يكن ممكنا أن يمسك منه " ( اع 2 : 24 )
إن حدث الموت بالنسبة للمسيح لم يكن متوقعا من الرسل ، و لا من كل الكنيسة الاولي ، إذ قد تعلقوا به ، و كانوا علي يقين انه سيخلصهم من سلطان الرومان ، حيث يقيم مملكة داود ابيه بقوة ...
و ألان قد مات رجاؤهم ، و اندفن املهم ... فصاروا في صدمة عنيفة ... و تجمدت مشاعرهم ... و شل تفكيرهم ... و كادوا يقعون في يأس فظيع ، حتى انهم لم يقبلوا خبر القيامة بسهولة فالنساء المريمات " خرجن سريعا و هربن من القبر لان الرعدة و الحيرة اخذتاهن و لم يقلن لأحد شيئا لانهن كن خائفات " ( مر 16 : 8 ) أما الرسل فـ " لم يصدقوا " ( مر 16 : 11 ؛ 13 ) " فتراءي كلامهن لهم كالهذيان " ( لو 24 : 11 )
و أما الرب يسوع " أخيرا ظهر للاحد عشر وهم متكئون و وبخ عدم ايمانهم و قساوة قلوبهم لانهم لم يصدقوا الذين نظروه قد مات " ( مر 16 : 14 )
إننا ألان نشعر باحاسيس هؤلاء القوم المضروبين بموت ابيهم، و سيدهم ، و معلمهم ، ومحط آمالهم ... لقد صعقوا بموته ... فسهروا معا في العلية بمشاعر مختلطة .

و لعل الكنيسة عندما تسهر طوال الليل إنما تعيد للقلوب و الاذهان نفس المشاعر التي كانوا يجوزونها بسهرهم بسبب الحبيب المائت ، يبكون لآلامه ، و يحزنون لموته ، بينما يفرحون معا من اجل خلاص العالم " أما العالم فيفرح بقبوله الخلاص ، و أما احشائي فتلتهب عندما انظر إلى صلبوتك الذي أنت صابر عليه ، من اجل الكل يا ابني و الهي " الاجبية علي لسان العذراء .

ما هذه المشاعر المختلطة ؟ كيف يجتمع الحزن و الفرح معا ؟ إنها بالحقيقة مشاعر فريدة ، و لذلك تعيشها الكنيسة بان تصلي كل الحانها بنغمة حزينة ، ثم تقلب نغمة اللحن إلى السنوي " كما اشتركتم في الام المسيح ، افرحوا لكي تفرحوا في استعلان مجده أيضا مبتهجين " ( 1بط 4 : 13 )

حسب ترتيب الطقس الاصلي : لا يبرح المؤمنون الكنيسة بعد انتهاء صلوات يوم الجمعة الكبيرة ، بل يبداون بتلاوة المزامير واحدا فواحد حتى يصلوا إلى المزمور 151 ؛ فيرتلونه باللحن الخاص به " أنا الصغير " وتستمر الصلوات و التسابيح حتى انتهاء قداس فجر الأحد . فالكنيسة لا تبرح مكانها منذ صلب المسيح و حتى قيامته ... معلنة مشاركتها الدافئة لعريسها المذبوح عنها ... تشاركه بان تصلب إلى جواره و تسهر معه تسبحه ، و تشكره و تنتظر قيامته المجيدة المقدسة ، و هي تعلم انه حي لا يموت ، لذلك نرتل ابصالية خاصة مردها " قدوس الحي الذي لا يموت ارحمنا "

2 – اعطيت إطلاقا لمن قبض عليهم في الجحيم

السلام للقبر المقدس موضع الموت الذي صار ينبوعا للحياة . السلام للموضع الذي تخرج منه نتانة الموت ؛ ففاحت منه رائحة الحياة
السلام لقبر الغني الذي اغني كل العالم من ضياء نور الحياة

ما هذا؟ إنها الليلة التي تعلن عن الله ، اله المستاحيلات و المعجزات . انه بالموت داس الموت ، وبالموت حرر الذين كانوا محبوسين في الجحيم " إذ صعد إلى العلاء سبي سبيا ، واعطي الناس عطايا ، واما انه صعد فما هو إلا انه نزل أيضا اولا إلى اقسام الأرض السفلي " ( اف 4 : 8 ، 9 ) . " ذهب فكرز للارواح التي في السجن " ( 1بط 3 : 19 )
لذلك تجمع الكنيسة – من كل الاسفار المقدسة – قصص الاعاجيب ، و تقدمها في صورة تسابيح . فهوذا داود الصغير يصير الملك " اخوتي حسان و كبار و الرب لم يسر بهم " ( مز 151 ) و بنو إسرائيل يعبرون البحر و يغرق فرعون القاسي ( الهوس الاول)، و يسبحه موسى النبي " انظروا انظروا إني أنا هو وليس اله غيري أنا اميت واحيي و اضرب و اشفي " ( تث 32 : 39 )

و ها هي حنة ام صموئيل العاقر التي انجبت كمثل القبر الذي صار ينبوعا للحياة ، و يونان النبي الذي صار في حكم ميت ، و قد خرج من قبر الموت ( الحوت ) بعد ثلاثة أيام ، و لم تنس الكنيسة أن تورد ذكر حزقيا الملك الذي أضاف الله إلى عمره خمس عشر سنة ، بعد أن كان قد انتهي عمره ، و صار وشيكا أن يكون في عداد الموتي ... و لكنه نال الحياة ، و منسي الملك الذي ضل و صار كميت ، ثم تاب وعاد وصار جديدا كالقائم من الاموات ، و دانيال النبي الذي القي في جب الاسود و لم يكن أحد يتوقع أن يعود حيا ثانية و لكنه عاد ... و الفتية القديسون الذين القوا في اتون النار و جاء الرابع ( ابن الله ) ليحررهم من النار ، و كانوا يمشون معه كما في فردوس ... أليس هذا اشارة إلى نزول المسيح إلى الجحيم ( النار ) ليصعد الارواح البارة إلى ( الفردوس ) ليتنعموا معه هناك .

و العذراء مريم النموذج الرائع للاعجوبة الفريدة ؛ و زكريا الكاهن الذي انجب بعد شيخوخة و عقم ، وسمعان الشيخ الذي عاش بعد سنه المفترض ، ليري خلاص الله . و أخيرا سوسنة العفيفة التي حكم عليها بالموت ظلما ثم انقذت بحكمة دانيال ...

فكل التسابيح التي انتخبتها الكنيسة في هذه الليلة المبهجة تحمل فكرة كيف يتدخل الله بطريقة معجزية ؛ ليخرج من الجافي حلاوة ، و من الاكل اكلا . كيف يتدخل الله ليقلب الموازين و يعيدها إلى وضعها الصحيح ... كيف يتدخل الله بطريقة لا نتوقعها ؛ ليحل مشاكلنا و يحل في حياتنا . كيف يحول الله الموت إلى حياة ، و الفشل إلى نصرة و نجاح . و لعل الكنيسة في هذه الليلة المقدسة تستحضر كل هؤلاء الانبياء القديسين لنتشارك معا الفرحة ... فرحتنا بالخلاص المجيد و فرحتهم بالخروج من سجن الجحيم.

3 - اظهرت لي اعلان مجيئك

عند موت المسيح نزل إلى الجحيم و " سبي سبيا " ( اف 4 : 8 ) و جذب إليه كل الابرار الذين ماتوا علي رجاء صليب المسيح ، يخلصهم من الهاوية التي نزلوا إليها ، لذلك يعتبر يوم الصليب الجمعة ، كأنه نموذج ليوم القيامة ( الاخير ) حيث يفرز المسيح الابرار من بين الاشرار و يكافىء احباءه بالابدية السعيدة ... و لعل هذا هو السر في أن الكنيسة ترتل لحن ( بيك اثرونوس – عرشك يا الله إلى دهر الدهور ) الذي يتكلم عن عرش الحكم الاخير ... ترتله الكنيسة مرة يوم ثلاثاء البصخة عندما يقص المسيح ترتيب احداث الدينونة في انجيل الساعة الحادية عشرة ، وترتله مرة أخرى يوم الجمعة الكبيرة في الساعة الثانية عشرة عندما ينزل المسيح إلى الجحيم ، ليمارس دينونة مبدأيه، يختار فيها الابرار ليكونوا معه كل حين ، و يترك الاشرار مع الشيطان في الجحيم . و لعل هذه الدينونة الصغيرة قد رفعت ذهن الكنيسة إلى يوم الابدية السعيدة ؛ فالتهب قلبها بالحب و الشوق ، و بدات تطلب هذا المجىء الثاني ، وتذكره و تشتاق إليه ... لذلك نقرا سفر الرؤيا بهدوء و تركيز قلب ، ويتخلله الالحان الشجية التي تسحب النفس سحبا إلى الابدية ، فالهيكل مفتوح ، و المنابر موقدة ، و الصلبان و المجامر ، و ملابس الكهنوت مع القراء ... كلها موجهة إلى اشعال الفرحة في القلب ، و الشوق في النفس للقاء العريس الحي إلى الابد الآبدين .

إننا في سفر الرؤيا نري المسيح في مجد الوهيته وازليته ، و في بهاء حكمه و نصرته، ونري أيضا الامجاد المعدة للمنتصرين ، و نري السماء بكل سكانها ، تشترك معنا في التسبيح والفرح والنصرة ... و يتحرك قلبنا بالشهوة المقدسة أن نغلب لكيما ننال المواعيد الالهية .
" من يغلب فساعطيه أن يأكل من شجرة الحياة التي في وسط فردوس الله " ( رؤ 2 : 7 )

4- اعطيتني اصعاد جسدك بخبز و خمر
و ينتهي طقس هذه الليلة المبدعة بالقداس الالهي ، ليكون هو دائما قمة العمل الروحي ... و منتهى الطموح الروحي ... و قداس سبت النور قداس تعليمي ... يشرح حقائق لاهوتية هامة :
1. لا يصلي فيه صلاة الصلح و لا القبلة المقدسة ، لتعلن الكنيسة بذلك أن الصلح مع السماء يتم بقيامة رب المجد ، و ليس بالصليب فقط ، و كذلك تمنع القبلة المقدسة استنكارا لقبلة يهوذا الخائن الذي سلم سيده بقبلة .
2. يصلي المجمع و الترحيم ... ( بعكس قداس خميس العهد حيث لا يصلي المجمع و لا الترحيم و لا تذكر اسماء الراقدين ) ... و ذلك لتعلن الكنيسة أن القديسين يسكنون ألان الفردوس ، لذلك صار لنا معهم شركة ... نصلي عنهم و هم يصلون لاجلنا ... بينما في قداس خميس العهد كانوا مازالوا في الجحيم ، لذلك لا تصلى الكنيسة عنهم باعتبار انه لا يوجد شركة بين الكنيسة و الجحيم ...

كل هذه الأمور هي رموز تعليمية ... و اشارات طقسية ذات دلالة لاهوتية عميقة ...
الرئيسية | كنيستنا | القديس أثناسيوس الرسولي | مدرسة الشمامسة | الكتاب المقدس | الكتب الكنسية | المكتبات | خدمات متنوعة | اتصل بنا
عدد المتصلين الان : 252 أنت الزائر رقم : 77,778,551
جميع الحقوق محفوظة © لمدرسة القديس أثناسيوس الرسولى للشمامسة 2011